17 - 07 - 2024

تحديات وخصائص فريدة تميزها عن الربيع العربي| 19 ديسمبر.. ثورة السودان التي ليس لها مثيل

تحديات وخصائص فريدة تميزها عن الربيع العربي| 19 ديسمبر.. ثورة السودان التي ليس لها مثيل

5 تحديات تواجه الثوار: خطر حميدتي – الجنرالات – بقايا الإسلام السياسي – الحركات المسلحة وقوانين إبحار السفينة ورسوها!

مال البعض الى تبسيط ثورة التاسع عشر من ديسمبر في السودان، فاعتبرها موجة متأخرة وجديدة من موجات الربيع العربي، بل وواصل البعض التبسيط ليراها هي والانتفاضة الجزائرية ضمن  توابع هذا الزلزال، والواقع ان هذه  الثورة، من حيث الدوافع وطبيعة الحراك والاستهدافات مختلفة تماما عن الربيع العربي، بغض النظر عن ايجابيته وسلبيته، وتملك خصوصية وفرادة سودانية طبعتها من اللحظة الاولي وميزتها عن الربيع العربي، رغم امتلاكها بالطبع  للخصائص العامة للثورات، يمكن اجمالها فيما يلي :-

1- الثورة السودانية ليست متعلقة بالقشرة السياسية الاولي لثورات الربيع العربي، وهي (التمديد والتوريث) فحسب، وانما مرتبطة بصلب قضايا سودانية متواصلة منذ استقلاله وتسير في دورات، مثل المعركة بين الاصولية والمدنية (من معركة الدستور الاسلامي في الخمسينات وحتى استيلاء الكيزان علي الحكم 1989)، ومعركة الديكتاتورية والديمقراطية (ديكتاتوريات ثلاث- عبود ونميري والبشير وثورات ديمقراطية ثلاث 1964، 1985،2018 )

2- الثورة السودانية ليس لها حماية عالمية. فالربيع العربي، شئنا أم أبينا، كان يملك غطاء عالميا من الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوربي والغرب والنظام العالمي الجديد بإجمال، كان مع الربيع العربي ليس فقط وقت حدوثه، وانما منذ مراحل تخمره وولادته من بدايات الالفية. فالدعم الاميركي لما سمي ب "الاصلاح السياسي"، كان واضحا منذ مطلع الالفية الجديدة، واهتمام الادارة الاميركية، خصوصا في الحالة المصرية، باعتقال أو إطلاق رموز سياسية مثل أيمن نور أو سعد الدين إبراهيم أو غيرهم، كان مباشرا ويوميا، وقد تطور هذا الدعم بشكل أكثر وضوحا بعد خطاب اوباما في جامعة القاهرة ووصل لذروته حين اندلعت التظاهرات، وأعلن البيت الأبيض تبنيه الكامل لرحيل مبارك بعبارة أوباما الشهيرة (الآن يعني الآن). أما في الحالة السودانية، فيمكن القول أن العكس تقريبا هو الذي وقع، فالثورة السودانية قد اندلعت، وادارة ترامب تخلصت تماما من إرث اوباما وسعيه لما أسماه بـ(الإصلاح السياسي) في الشرق الاوسط، وانتهجت هذه الإدارة سياسة براجماتية انتهازية جعلتها قادرة علي الترحيب بأكثر الديكتاتوريات تجاوزا وأكثر الانتهاكات إجراما بدم بارد، وفي الحالة السودانية، انتهجت الإدارة الأمريكية سياسة التوافق مع الديكتاتورية الموجودة والتراجع عن المسار الأوبامي الذي اختطه الديمقراطيون في دعم ملاحقة البشير لتقديمه إلى الجنائية الدولية وتضييق الخناق علي نظام حكمه ودعم أطياف من المعارضة، وليس سرا أن "إدارة ترامب"، بما جبلت عليه من انتهازية سياسية فجة، كانت تسير بخطوات وئيدة نحو رفع الحصار تماما عن نظام البشير ورفعه من لائحة الارهاب تماما، بعد أن فعلت ذلك بشكل جزئي، وكان لا يحول بينها وبين ذلك سوى احتمالات الحصول على مزيد من المكاسب منه، مثل الضغط في اتجاه التطبيع مع إسرائيل الذي كان قاب قوسين أو أدني، أو السعي لإنتاج "نظام بشير" آخر بديل عبر الهبوط الناعم، بدلا من أن ينتج عن الإسقاط نظام ديمقراطي شعبي يأتي ببعض الإرباكات.

3- الربيع العربي قاده "الإسلام السياسي"، بينما ثورة 19 ديسمبر خرجت ضد طبعة هامة من طبعات الإسلام السياسي وهي جماعة الإخوان المسلمبن، الجناح الميثاقي أو الترابوي. وقد شكل هذا الاختلاف صعوبات جمة للثورة السودانية. فقطاع كبير من الإخوان والاسلاميين بشكل عام في العالم العربي والاسلامي وأوروبا وقف ضد الثورة أو علي الاقل تجاهلها، بمنطق أنها معادية لتياره الايدولوجي، وتيار آخر، تجاهل كل مكونات نظام البشير ولم يشر إلا إلى كونه "عسكرا" تماشيا مع بروباجندا الإخوان في مواجهتهم مع السلطة المصرية، وفريق ثالث حين اكتشف أن هناك "إسلاميين في الثورة" أيدها لكن بشكل خجول، وهناك فريق رابع يقوده الداعية السلفي عبد الحي يوسف وخال الرئيس المعزول عمر البشير- الطيب مصطفى- يقود ثورة مضادة تحت راية (لاشيوعيين ولا كيزان) في اتهام واضح لـ"الحرية والتغيير" ولـ"تجمع المهنيين" بأنهم أداة في يد الحزب الشيوعي. بعبارة أخرى، فإن "الثورة السودانية" لم تحرم فقط من ميزة وزن الإسلام السياسي البشري والمالي والإعلامي والدولي وأمميته المتنفذة، والمتواجدة في أكثر من 80 دولة، بل جوبهت بعداوات بعض أطرافه.

4- ثورة 19 ديسمبر تتمتع  بقيادة قوية ومحكمة هي "تجمع المهنيين" و" قوى إعلان الحرية والتغيير"، فقد كانت إحدى كوارث الربيع العربي أنه بلا قيادة، وقد روجت السلطات والقوى المضادة  للثورات لهذه النظرية باعتبارها ميزة، مع أنها عيب قاتل في الثورات. فقد سمح هذا الوضع لأي عابر سبيل في ميدان التحرير، عفوي أو مرسل من أي جهة، أن ينصب نفسه قائدا للثورة ما امتلك حنجرة قوية وقدرة علي المزاحمة، وشهدت الثورة ظهور شاب غامض غير معروف كان يعمل في شركة "جوجل" بأوروبا يظهر فجأة ويعتبر نفسه وتعتبره الحشود قائدا للثورة، ثم يختفي بعد الـ18 يوما ورحيل مبارك وكأن شيئا لم يكن . 

كما شهد ميدان التحرير وميادين اخرى، بناءات سياسية صنعت في ليلة وضحاها (تحت السلم ) وتصدرت المشهد سياسيا وإعلاميا، وكان خطابها الذي يسبقها ويخرس الجميع أنها "ممثلة للشباب" وأن "الأحزاب فاسدة" و"الثورة ليس لها أيديولوجيا وليس لها قيادة". علي العكس من ذلك فإن الثورة السودانية جاءت بعد أن سبقتها قيادتها، وهي "تجمع المهنيين، وإعلان الحرية والتغيير) في الولادة. ونجحت هذه القيادة في مقاومة اغواء "المظهرة الليبرالية" فلم تعلن عن نفسها ولا عن شخوصها ولا انتماءتهم السياسية السابقة علي تشكيلها، فحمت نفسها ليس فقط من القبضة الأمنية والقبض علي قادتها، بل من حفلات النميمة السياسية والاغتيال المعنوي المبتذلة، كما منحت هيئتها وهيبتها مسحة "الغامض القوي المجهول" بما يمكن أن يدرسه لاحقا علم الانثروبولوجيا السياسية، في تاثير "الأيقوني" علي السياسي خصوصا في مجتمعاتنا – غير الغربية. 

إضافة لذلك، تصرفت قيادة "تجمع المهنييين – إعلان الحرية والتغيير" بروح  "تنظيمية لينينية " صارمة وواثقة في تحركها، كأنما كانت متأكدة من النصر، فتعلن عن مسيرة في المكان الفلاني أو العلاني، وتصر علي موكب رغم تأكدها من قلة مشاركيه، وتنوع التحركات دون أن يهتز لها رمش، وتصر في كل الأحوال علي الاحتفاظ بالمبادأة والقدرة علي الفعل دون أن تكون ولو لمرة واحدة رد فعل. هذا شرط استثنائي يندر توفره لهبات وانتفاضات الشعوب، وقد رجح انتصار الثورة. 

5-  تورة 19 ديسمبر، امتلكت حواضن اجتماعية في الأحياء الشعبية، علي عكس ثورات الربيع العربي التي كانت موجودة في الميادين الرئيسية، ومنها الثورة المصرية التي تركزت إلي حد كبير في ميدان التحرير، وظلت الأحياء إما ملكا للفلول أو النظام القديم أو السلفيين أو "حزب الاستقرار"، أخطر أعداء الثورات تقليديا. 

وهنا يمكن القول أن شعار "الشوارع لاتخون" الذي يكرره دون توقف فاعلو الثورة السودانية يمكن "حرتفته" قليلا وجعله أقل تجريدا ليصبح "الأحياء (الحلات) لاتخون"،بمعني أن "الاستثمار الثوري" إن صحت العبارة بالجمع  بين نوعين متضادين من النشاط الإنساني، في تثوير الاحياء الشعبية يمكن أن تكون واحدة من دعامات الثورة، أو علي الأقل تحصينها من خصومها ممن يطلق عليهم اسم "المواطنين الشرفاء" وهذه إحدى خصائص الثورة السودانية ودروسها في ذات الآن، وتجدر الإشارة هنا إلى أن كسب الأحياء بهذه الثورة لعب فيه، علاوة على توجه الثوار وبعد الثورة الاجتماعي، هو أن تكتيك  مدير المخابرات السوداني السابق صلاح قوش في إغلاق الشوارع الرئيسية وترك المظاهرات في الميادين، ساهم دون أن يدري في تفعيل "الخميرة الثورية" داخل الأحياء وتطويرها كرديف ثوري عجل بساعة النصر.

6- ثورة اليوتوب.. لقد تعرضت الثورة السودانية لحالة تجاهل إعلامي عالمي، قد يكون وراءه مواقف الدول المتنفذة المالكة لهذا الإعلام، أو اختفاء المزاج الاعلامي "الثورجي" بعد سنوات من الربيع العربي وارتداد الموجات المضادة أو غير ذلك، المهم هنا أن أدوات مظاهر الربيع العربي الإعلامية، كتوالي كلمة (عاجل) بالتطورات علي مدي اليوم، أو تغذية أقل الاحداث مساحة بحوارات ومداخلات تؤثر مباشرة فيه، أو تثبيت الكاميرات في الميادين، كل هذه الأدوات غابت عن ثورة السودان، ولم يكن أمام الثوار من خيارات  في الاعتماد علي السلاح الإعلامي سوى اللجوء إلى "اليوتيوب"، وسيلة إعلام الفقراء، وقد تمكنوا عبرها من نقل الصورة من كل شبر في البلاد وفضح انتهاكات نظام البشير وحماية الثورة السلمية، وهو سلاح إن كانت قد ثبتت نجاعته وبساطته وقدرته في  تمكين أصغر طفل سوداني عبر جهاز تليفون صغير من نقل الصورة الى العالم أجمع، إلا أنه في نفس الوقت ليس آنيا أو لحظيا ولايقارن بالشبكات الإعلامية الديناصورية، كما أن هذه اليوتيوبات لم تتمتع بقدرة التصوير المتقدمة لعرضها علي الشاشات، بعد أن انتصرت الثورة أوليا وامتلكت قناتها "سودان بكره".

........

هذا عن خصائص الثورة السودانية واختلافها عن ثورات الربيع العربي، أما عن التحديات النوعية التي تواجهها فيمكن إجمالها فيما يلي:-

1- أن الجنرلات الذين تحركوا ليسوا "ضباطا أحرارا" ولا ثوريين من صغار الرتب كما تبادر لذهن العالم خلال الساعات الطويلة التي سبقت البيان العسكري والتي اقتربت من 10 ساعات، وكما أوحي بذلك انحياز الضباط الصغار للثورة في الأيام الاخيرة، هؤلاء الجنرالات تربوا وترعرعوا وترقوا وتم اختيارهم للرتب العليا والمواقع الدقيقة من منظور النظام السابق (الديكتاتوري الإخواني)، وبالتالي، من الصعب تصور تبنيهم للثورة، لكن في نفس الوقت يمكن مخاطبة تكوين المؤسسة العسكرية الوطني والمهني عند عدد منهم، مع الضغط لاستبعاد عدد آخر، مع  الحفاظ على وتيرة الحراك الشعبي مشتعلة لانتزاع استهدافات الثورة منهم – أي من الجنرالات – الذين  يمكن أن يستجيبوا لكثير منها لاعتبارات براجماتية.

2- خطر حميدتي وقوات الدعم السريع. فقد استقبلت الثورة انحياز حميدتي والدعم السريع لها، بالرغم أن التوقع الذي كان سائدا هو أنه "ذراع نظام البشير الباطش" استقبلت ذلك بوصفها هدية السماء للشعب السوداني، لكن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، فحميدتي، ابن قبيلة الرزيقات، تاجر الجمال البدوي، خريج الخلاوي ومحدود التعليم، يتعامل مع السياسة منذ دخل أبوابها الأولي بوصفها مغامرة أو مقامرة كبرى، فعبر 200 رجل كانوا معه استطاع ان يقيم جيشا موازيا للجيش القومي ويدخل في مقايضة مع رئيس البلاد، وكان أول شروطه "حصول قواته على رتب عسكرية"، وهو شرط هدم به فكرة الدولة والمؤسسية دون ان يهتز له جفن، وهو شرط من الزاوية الواقعية حماه وحمي ميليشياه من التطورات. فانحياز حميدتي  للثورة هو مقامرة جديدة كسبها بذكائه الفطري، حيث تيقن من لحظاتها الأولي أنها المشروع الصاعد، بينما البشير هو المشروع الهابط، وعدم تردده في بيع حليفه الاستراتيجي في غمضة عين، يجب أن تحسبه الثورة عليه وليس له، بمعني أنه يمكن أن يبيعها أيضا لأي عابر سبيل. 

حميدتي، الذي يملك أوراقا إقليمية كون جزء من قواته في اليمن، وأوراقا دولية كونه لاعبا مع الاتحاد الأوروبي في مواجهة الإرهاب والهجرة غير المشروعة، مرشح وضعه ودوره في ازدياد، لأنه في تقديري سيدخل في "استثمارات سياسية" أوسع بحكم موقعه الجديد الذي هو فعليا نائب رئيس الجمهورية ورئيس جيش خصوصي في هذه الجمهورية، وفي هذا الإطار يمكن ملاحظة أن معظم المقابلات الخارجية المهمة التي تمت في الأيام الأولي لتسلم المجلس العسكري كلقاء السفير البريطاني أو القائم بالأعمال الأميركي أو سفير النرويج تمت معه، كما نلاحظ قراراه بارسال قواته- قوات "الدعم السريع"- لعدد من الولايات لحفظ الأمن بها.

3- مشروع "الإسلام السياسي "لم يسقط بعد في السودان،"ولا حتى "مشروع الكيزان"، الذي سقط هو مشروع البشير والمؤتمر الوطني، وبالتالي  يمكن أننواجه بقوي الإسلام السياسي على جبهتين متضادتين، إحداهما جبهة الثورة المضادة يقودها السلفيون وعلي راسهم عبد الحي يوسف الذي يملك شبكة طيبة الإعلامية التي تبث قنوات بالعربية وبلغات إفريقية، ويقال إن سلفيين خليجيين يدعمونه وله تأثير في أكثر من 50 مسجدا، والطيب مصطفى، خال البشير وصاحب منبر السلام العادل والمالك السابق لـ "الانتباهة"، وقيادات المؤتمر الشعبي مثل علي الحاج والطيب مصطفي، وفلول المؤتمر الوطني ومنتفعيه، وصفحات "سائحون"، وهم الذين  يهددون كل فترة بنزول الشارع ورفع شعار (لاشيوعيون ولاكيزان)، هؤلاء من جهة، ومن جهة أخرى هناك فريق من الإسلاميين انحاز للثورة من يومها الأول، وانتظم في صفوفها ودفع الثمن اعتقالا وشهداء، ومن هؤلاء جماعة الإخوان المسلمين تيار الصادق عبد الماجد، الذين نزل منهم المراقب العام بنفسه للميدان، وتيار (الإصلاح الأن) بقيادة غازي صلاح الدين، وقواعد (المؤتمر الشعبي) ممن تمردوا علي قادتهم وانشق بعضهم، و "تنسيقية التغيير والبناء" التي يقودها الشفيع أحمد. 

وهنا سيصبح أمام الثورة معالجة هذا التحدي المزدوج، سواء من حيث التيار المضاد الذي يصعب التنبؤ بمدى تاثيره خصوصا إذا مددنا البصر لرؤية خطورته  المحتملة في لحظة الجزر الثوري القادم يوما، أو التيار المؤيد للثورة الذي لايمكن بأي حال إقصاؤه، لكن في نفس الوقت لايمكن تحسب تحوراته.

4- هناك خطر "الحركات المسلحة" في الغرب والتي من المبكر تبيان توجهاتها وتبايناتها بعد، وهو خطر لايمكن إلا طرحه على شكل أسئلة في الوقت الراهن: هل ستنخرط هذه الحركات في جسم الثورة – الحرية والتغيير، وتصبح جزءا من مشروع التغيير القومي؟ هل تبرم هذه الحركات اتفاقات سلام، ومع من، وكيف في تلك الفترة الانتقالية، وإذا كان بعد أربع سنوات فمن يضمن في تلك الظروف الاستثنائية انضباط الجميع؟ وماذا عن تلك المطالب التي بالتاكيد ستثير جدلا؟ وأضرب مثالا يتيما علي ذلك، وهومطالبة الحركة الشعبية شمال- جناح مالك عقار بحق تقرير المصير، وهو مطلب كرر المطالبة به أحد قادة الحركة وقال إنه يجب أن ينص عليه في الدستور السوداني علي النحو الموجود في إثيوبيا؟. 

إن تحدي حل إشكالية الغرب السوداني بتهميشه وحركاته المسلحة هو من أخطر تحديات الثورة بلاشك، وخطره أشد في المرحلة الانتقالية.

5- خلافات قيادات الثورة السودانية: قدمت الثورة السودانية في لحظة انطلاقها نموذجا للتماسك ووحدة الصف ممثلا في انسجام كابينة القيادة في (الحرية والتغيير)، و(تجمع المهنيين). لكن علينا ان نتذكر مقولة محمد حسنين هيكل التاريخية (للسفينة قوانين حين تكون علي البر، وعندما تبحر تكون لها قوانين أخرى). فالثورة السودانية مقبلة علي محطات، أو بتعبير أرنولد توينبي نوع "من التحدي والاستجابة)، وبلا شك أن الاستجابات ستختلف لدي كل تحدي، بناء علي خلفية كل فصيل سياسي الاجتماعية والسياسية، ومن هنا تطلب الامر وضع ذلك في الحسبان. وقد كان خلاف حزب المؤتمر السوداني والحزب الشيوعي السوداني في الساعات الاولى للثورة مؤشرا سلبيا في هذا الاتجاه، الأمر نفسه يمكن أن يقال عن الحملات الفيسبوكية الموجهة ضد حزب الأمة القومي وزعيمه الصادق المهدي، هناك محطات مفصلية ستمر بها الثورة، ولا مخرج سوى بشيئين: المزيد والمزيد من المشاورات، والتحصن بمستوى من العقلانية وعدم التزيد.
-----------------
تقرير - خالد محمود